كُتِبَتْ ِلتُقْرَأْ مَرَّتَيْنْ
قصة غرام
هي قصة حب، بدايتها هي نهايتها، ونهايتها هي بدايتها، هي قصة كل محب وعاشق، كان هو بطل قصتنا هنا، لكنها قصة انتهت منذ أكثر من سبع سنوات، لكنها لم تنتهي بعد من قلبه وعقله، حاول كثيراً أن يلتمس لها الأعذار وأن ينساها، لكنها كانت أقوى من النسيان، أغرق نفسه في العمل، سافر واغترب، وحقق نجاحاً من الصعب أن يحققه شاب في مثل سنه، أصبح له من الأصدقاء الكثير في العديد من دول العالم، لكنها لا تغيب عن تفكيره...
- البنت دي أكيد كانت عاملا لك عمل -
كانت هذه آخر جملة سمعها اليوم من إحدى صديقاته قبل أن يتركها ويأتي إلى هنا... كان الوقت لا يزال صباحاً قبل انتصاف النهار، ترك سيارته في شارع الهرم، كانت الأهرامات تبدو من بعيد، أخذ يتجول بدون هدف، يدخل شارع ويخرج من آخر...
- أنا باعمل كل ده ليه؟ ولمين؟ أنا ليه مش سعيد؟!-
كان يحدث نفسه وهو يسترجع ذكرياته وحياته وكأنها مرت كشريط سينمائي أمامه حالاً.
- عملت كل ده عشان أثبت لها إنها خسرت كثير لما خانتني وباعت حبي، كنت باحبها حب لوا توزع على الدنيا بحالها لكانت الناس كلها عاشقة، باعت كل ده ليه؟ وسابتني ليه؟ واتجوزت غيري ليه؟ وكانت بتقوللي بحبك ليه؟ وانا صدقتها ليه؟ وضيعت من عمري سنين طويلة معاها ليه؟ ودلوقتي... هية فين؟ ويا ترى متابعة أخباري ولا خلاص، مشغولة بعيالها وجوزها ونسيتني. الظاهر إني كنت في رحلتي دي كنت بانتقم من نفسي مش منها-
كانت الأفكار وكأنها تفترسه حتى وجد نفسه فجأة أمام كافتيريا كان يجلس فيها معها منذ سنين طويلة، لم يعرف كيف أوصلته خطواته إلى هذا المكان رغم أنه كان يخشى من مجرد الاقتراب منه، فهذا المكان شهد اللقاء الأول كما شهد اللقاء الأخير، أحلى أيام العمر وأمر الذكريات، شعر وكأن قوة غامضة ساقته لهذا المكان...
دخل الكافتيريا، كان المكان صاخب وكثير من الشباب والفتيات في سن المراهقة ينتشرون حول الطاولات، وبعض من الفتيات كُنَّ يرقصن على صوت الموسيقى والأغاني الصاخبة والمنبعثة من جهاز تلفاز كبير الحجم، أخذ يتأمل المكان الذي تغير كثيراً
- إيه المسخرة دي ! الدنيا اتغيرت قوي، وأكيد هيَّه كمان اتغيرت كتير-
حدث بها نفسه وهو يتجه إلى نفس المكان الذي كانا يجلسان فيه سوياً قبل أن يعرف ما خبأته له الأقدار
- غريبة ! المكان بتاعنا تقريبا ً زي ما هوة –
- تحت أمرك يافندم.
قالها الجارسون الذي قطع تأملات الشاب..
- قهوة مظبوط لو سمحت.
- حاضر يا فندم.
وقبل أن يستدير الجارسون استدرك الشاب قائلاً:
- ولا أقولك، هاتلي أثنين مانجة.
كانت تحب المانجة، لم يعرف لماذا طلب اثنين مانجة، كان يشعر وكأن روحها معه، أو بمعنى أكثر دقة روحها في المكان الذي يحتفظ بذكرياتها معه... وفجأة، دخلت من الباب، شعر الشاب بأن قلبه يكاد يحترق من نبضاته السريعة، وبأنه في طريقه إلى الشلل، أخذ يدقق النظر إلى الفتاة التي توجهت إلى إحدى الطاولات وجلست إلى المقعد الذي يواجهه مباشرة، فاكتشف أنها ليست هي.
- إيه اللي أنا فيه ده؟ معقولة خيالي صور لي إنها هية؟ وكمان تيجي في اللحظة دي بالذات؟ ليه؟ خيالي واسع كده ليه؟ امتى أسيب الأوهام وانزل للواقع وأنساها وأنسى إنه فيه حاجة اسمها حب -
كان يحدث نفسه وعيناه دامعتان، وأحيانا يبتسم بسخرية على أحواله عندما لاحظ أن الفتاة التي دخلت الكافتيريا تنظر نحوه، حاول أن يوهم نفسه بأنها لا تنظر له وإنما لشيء ما حوله، لكنها كانت تثبت نظرتها عليه لدرجة أربكته.
- الظاهر افتكرتني مجنون ولا َّ حاجة، يا دي الفضايح، أنا أمشي أحسن -
حاول أن ينادي على الجارسون ليطلب الحساب، كان الجارسون عند الفتاة التي قامت من مكانها متجهة نحوه، وتصادف ذلك مع خروج شاب وفتاة من الكافتيريا، كانت واثقة في خطواتها بينما كان هو يتلفت حوله ربما كانت متجهة نحو شخص آخر، لكنها قطعت شكه عندما وقفت أمامه.. ا نتظرونااااا